رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

الأرقام لا نشك في مدي صحتها، ولكننا نحاول إستنطاقها

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هناك نقطة كثيراُ ما حاولت التنبية إليها ، وقد ناقشتها عند عرض ميزانية العام المنصرم قبل سنة تقريباً. وهي أننا يجب أن نكسو أرقام الإحصائيات الباردة لحماً ودم، فحين نقول الإحصائيات بأرقامها الصارمة، إن نتائج هذه الميزانية بنموها الذي يدعو للتفاؤل، يعني نمو معدل متوسط دخل الفرد إلي الناتج الإجمالي الذي يعتبر مؤشراً علي مدي رفاهية المواطنين بأعلي من (200.9) دولار لأول مرة منذ فترة الثمانينات. فإننا يجب أن نخضع هذا الكلام للواقع ونسأل هل تحقق هذا بالفعل ؟. يجب أن نتحرى مدي تطابق هذا الكلام مع واقع الناس، وفي حياتهم اليومية لذي مدي صدقة وتعبيره عن الواقع.
ويمكن أن يتم هذا عن طريق تحريك هذه الأرقام فنحن لا نشك في مدي صحتها، ولكننا نحاول إستنطاقها. خذ مثلاً مشكلة معقدة مثل قضية البطالة التي أصبحت هماً مؤرقاً ، ليس بسبب هدرها الإقتصادي فحسب، بل وبسبب إفرازاتها وتداعياتها الإجتماعية والأمنية الخطرة. إذا حاولنا إستنطاق الميزانية وتوقعاتها المتفائلة عن هذه المشكلة ستجد أنها ستقول لنا شيئاً مختلفاً يدعو إلي التشاؤم.

 
فرغم إرتفاع نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وفائض ميزان المدفوعات ، وخفض المديونية ، وفائض ميزان الحساب الجاري، وإرتفع مؤشر سوق الأسهم السعودي بما يعادل (55%) منذ بداية العام حتي نهاية يوليو المنصرم، وإستمرار حالة الطفرة في قطاع العقار وغيرها من المؤشرات الإيجابية في مسار الإقتصاد السعودي. إلا أن كل ذلك لا يتوقع أن يؤدى إلي نمو فرص العمل، بل علي العكس، يتوقع أن يؤدي إلي تواصل النمو في أرقام البطالة هذا العام، إذ أن النمو الفعلي في الناتج المحلي الإجمالي جاء بصورة أساسية من قطاع النفط، بينما نسبة العمالة فيه كما نعلم جميعاً لا يتجاوز (5.1%) من إجمالي القوى العاملة، خاصة إذا وضعنا في الإعتبار معدل النمو السكاني ، والقطاع الشبابي منه خاصة، وربما يتوقع تقرير البنك السعودي الأمريكي أن تنمو نسبة البطالة بين الذكور بمعدل (5.12%) حسب تقديرات سامبا. وإذا حاولنا أن نجد مخرجاً من هذا التناقض المريع بين موازنة وطنية ترتفع معدلات نموها بشكل جديد، ولكنها تفرز نتائج سلبية مثل ظاهرة البطالة فإن توسع نشاطات القطاع الخاص هو الحل الواقعي في مثل هذه الحالة ، لأنه يمتص أكثر من (50%) من العمالة في الدولة، وهذا يعني فتح أبواب الإستثمار وإعداد القوانين والتشريعات التي تسهل عمله، وتساعد علي التوسع.

arrow up